في ظل مبدأ القوة الملزمة
للعقد، يمكن القول بأن رضا الأطراف يفترض بأنه صحيحا، إذ أن على كل طرف السهر على
حماية مصالحه و الدفاع عنها، طالما أن العقد أبرم في ظل مناقشات و مفاوضات بين
الأطراف، و بالتالي يفترض بأن العقد متوازن، لكن الأمور لا تسير دائما على هذا النحو
كما هو الشأن بالنسبة لعقد الترخيص التجاري، حيث يغيب فيه النقاش الحقيقي بين طرفي
العقد، فيكون المرخص له في وضعية الضعف أمام المرخص سواء من حيث القوة الاقتصادية
أو الخبرة و التجربة، و بالتالي يجد نفسه تحت رحمة الشروط المقيدة التي تلزمه
باحترام مجموعة من الالتزامات، و هذا ما سنتطرق إليه في المبحث الأول على
أن نخصص المبحث الثاني لوسائل التخفيف من حدة هذه الشروط.
المبحث الأول: طبيعة الشروط المقيدة و مدى تأثيرها على
الطرف الضعيف في العلاقة التعاقدية
سنتناول في هذا المبحث لكل
من الشروط المتعلقة بحماية شهرة العلامة و الحفاظ على هوية و وحدة الشبكة المطلب
الأول ثم الشروط التي تهدف إلى حماية المعرفة الفنية و الحفاظ على أسرار أسلوب
الترخيص التجاري المطلب الثاني.
المطلب الأول: الشروط المتعلقة بحماية شهرة العلامة و
الحفاظ على هوية و وحدة الشبكة
يقوم الترخيص التجاري
اعتمادا على نقل عناصر الملكية الصناعية و التي من أهمها العلامة التجارية، الاسم
التجاري، الشعار و التي يلتزم المرخص له بضمان حمايتها والمحافظة عليها و حسن
استعمالها، و هذا ما يجعل المرخص يعمل على تضمين عقد الترخيص شروط تعرف بالشروط
الاستئثارية، والتي تحد من حرية المرخص له في ممارسة نشاطه، وتتمثل هذه الشروط في
شرط الاستئثار الجغرافي الذي يطلق عليه الحصر المكاني و شرط التموين الاستئثاري[1].
الفقرة الأولى: شرط الحصر المكاني
شرط الحصر المكاني هو الشرط
الذي بمقتضاه يلتزم المرخص له اتجاه المرخص بأن يمارس نشاطه داخل إطار جغرافي محدد
من قبل هذا الأخير، وبالتالي عليه ألا يتجاوز
تلك المنطقة المحددة، و عند مخالفة هذا الالتزام يحق للمرخص إذن المطالبة
بفسخ العقد[2].
و يمكن القول بأن شرط الاستئثار المكاني أو الجغرافي
يتعلق بمنح ترخيص للمرخص له سواء كان منتجا أو موزعا أو مقدم خدمات يسمح له
باستغلال استئثاري لأسلوب الترخيص التجاري في منطقة جغرافية محددة شرط عدم
تجاوزها، كما قد يرتبط بالتزام المرخص بعدم منح ترخيص أخر داخل نفس الإطار
الجغرافي المحدد في العقد، و هذا ما سارت عليه الممارسات في مثل هذه العقود.
و يختلف تحديد الإطار الجغرافي من عقد لآخر إذ يمكن أن
يتحدد ببلد معين أو مدينة أو حي أو شارع، كما يقاس بعدد السكان في منطقة معينة،
ومهما اختلفت طرق تحديد هذا المكان فإن الشيء الأساسي هو تحديده بدقة في العقد
الشيء الذي يؤدي إلى ممارسة المرخص له لنشاطه باطمئنان و بالتالي التخلص من
المزاحمة والمنافسة الشرسة التي يمكنها أن تعيق سيره إذا ما وجدت مؤسسات مماثلة في
نفس الحيز المكاني تحمل نفس العلامة و تستغل نفس النشاط.
لكن ألا يعتبر احتفاظ المرخص لنفسه بحق إبرام عقود ترخيص
تجارية أخرى في نفس المنطقة أو فتح فروع أو مؤسسات تابعة له في المنطقة ذاتها، مع
تقييد المرخص له وحده بعدد محدد من نقط البيع، و بعدم تجاوز المنطقة المحددة تعسفا
من طرفه؟ و ما مصير المرخص له في تجاوز المنافسة الشديدة لمؤسسات تحمل نفس العلامة
و تمارس نفس النشاط؟[3].
وفي هذا الإطار جاء حكم الاستئنافية بباريس[4] الذي يقضي : "بأن
التزام المرخص بعدم منح ترخيص أخر في نفس المنطقة الجغرافية المحددة يعتبر ضمانا
للمرخص له من المنافسة القوية التي قد يتعرض لها من قبل المرخص ذاته أو من المرخص
لهم الآخرين، و بالتالي تمكين المرخص له من تنمية استثماره".
و أمام ما يمكن أن يحصل للمرخص له من أضرار و مشاكل إزاء
غياب هذا الشرط التبادلي لا يبقى أمامه إلا الإلحاح على ضرورة النص عليه ضمن
مقتضيات العقد، فمن غير المعقول أن يفرض على المرخص له تقييد ممارسته داخل حدود
معينة ثم تمنح تراخيص أخرى داخل نفس المنطقة تزيد من حدة المنافسة التي قد تصبح
شرسة و التي ستعصف لا محالة بالهدف الأساسي للترخيص التجاري المتمثل في تحقيق
التعاون و الانسجام بين أعضاء الشبكة، ولعل هذا السبب هو الذي جعل القضاء الفرنسي
يذهب في إحدى قراراته إلى منع المرخص من منح ترخيص جديد في نفس منطقة نشاط المرخص
له الأول رغم غياب شرط الحصر الجغرافي في العقد، و ذلك تطبيقا لمبدأ حسن النية
الذي ينبغي أن يسود هذه العقود، و حبذا لو يسير القضاء في هذا الاتجاه عند تعرضه
لنفس المشاكل في غياب نصوص قانونية.
و على الرغم من تضمين بعض العقود التزام المرخص بعدم منح
ترخيص إلى الغير في المنطقة المحددة للمرخص له أو فتح مؤسسات أو فروع مستقلة، فإنه
مع ذلك يحتفظ أحيانا لنفسه بالحق في القيام ببيع السلع و البضائع المتعلقة بنشاط
الترخيص التجاري بطريقة مباشرة أو غير مباشرة و ذلك اعتمادا على أساليب متعددة
(البيع عن طريق المراسلة، القيام بمعارض...)، فكيف يمكن للمرخص له أن يمارس نشاطه
في ظل هذه الأساليب؟ و مدى تأثيرها عليه؟.
مع ازدياد وسائل و تقنيات البيع عن بعد سواء عن طريق
المراسلة أو الهاتف أو وسائل الإشهار المختلفة، فإن الشركات تخصص عروض مغري تزيد
من إقبال الزبناء على هذه الأساليب في مناطق متفرقة من العالم، الشيء الذي يجعل
الزبناء يفضلون التعامل مع الشركة المرخصة عن طريق المراسلة و الاستفادة من سياسة
التخفيضات التي تقوم بها دوريا، وهذا بطبيعة الحال سيؤدي إلى هروب الزبناء من
محلات المرخص له خاصة أن المرخص يعمل على تقييد المرخص له إذا ما أراد تطبيق سياسة
التخفيضات على الحصول على إذن مسبق و
تقييده بفترة زمنية محددة من قبله.
وعموما لتفادي المشاكل الناجمة عن تزاحم عدد من المرخص
لهم في نفس المنطقة الجغرافية يجب النص ضمن العقد على شرط الاستئثار الجغرافي
المتبادل و تحديد المنطقة الجغرافية بدقة.
الفقرة الثانية: شرط التموين الاستئثاري
كيفما كان شكل الترخيص
التجاري فهو يرتبط دائما ببضائع و سلع و خدمات سواء بطريقة مباشرة أو غير مباشرة،
ومن أجل أن تؤدي شبكة الترخيص وظيفتها على أكمل وجه، والمحافظة على خاصة على خاصية
التكامل و الوحدة، فإن المرخص يعمل على توفير مصدر ملائم لتزويد المرخص له بالسلع
و البضائع الضرورية لممارسة نشاطه، وضمان مراقبة فعالة تحقيقا للجودة المطلوبة،
لذا فأغلبية عقود الترخيص التجاري تتضمن شرط التموين الاستئثاري.
ويقصد بشرط التموين الاستئثاري التزام المرخص له بتوريد
كل أو بعض المواد والسلع والخدمات التي يحتاجها في ممارسة أسلوب الترخيص التجاري
من المرخص مباشرة أو من طرف مورد معتمد من قبله طبقا لما جاء في العقد، أي أن
المرخص لا يترك الحرية للمرخص له في عملية التمويل الذي يتطلبها نشاطه، و ذلك على
اعتبار أن هذا الشرط يوحد مصدر التموين بالنسبة لجميع أعضاء الشبكة، و بالتالي
يحافظ على هويتها و وصورتها في نظر الزبناء أينما وجدت الوحدات التابعة لها.
و على عكس ذلك فإن شرط التموين يشكل أحيانا تقييدا لحرية
المرخص له في الحصول على مصدر للتموين بطريقة سهلة و أقل تكلفة خاصة حينما يكون
مصدر التموين المفروض عليها أجنبيا، مما يمكن أن يخلق له مشاكل تعيقه و تعيق كذلك
الإنتاج الوطني.
و تختلف أهمية تطبيق هذا الشرط باختلاف أهمية السلع و
البضائع في تطبيق أسلوب الترخيص التجاري، و التي تختلف أيضا باختلاف مجالات
الترخيص.
وعموما يظل شرط التموين الاستئثاري من طرف المرخص أو من
طرف الممونين المعتمدين من قبله من أهم الشروط التي يسعى المرخص إلى تضمينها في
عقود الترخيص التجاري لما تحققه من امتيازات[5].
هذا فيما يخص الشروط المتعلقة بحماية شهرة العلامة و
الحفاظ على هوية و وحدة الشبكة، فماذا عن الشروط التي تهدف إلى حماية المعرفة الفنية
و الحفاظ على أسرار أسلوب الترخيص التجاري؟ هذا ما سيكون موضوع الفقرة الثانية.
المطلب الثاني: الشروط التي تهدف إلى حماية المعرفة
الفنية و الحفاظ على أسرار أسلوب الترخيص التجاري
يرتكز أسلوب الترخيص التجاري
على المعرفة الفنية خاصة بالمرخص التي تعد من أسباب نجاح تصوره، لذلك يعمل جاهدا
على المحافظة عليها و حمايتها من الوقوع في أيدي المنافسين لما قد ينتج عن ذلك من
نشر لأسرار المعرفة الفنية، وما يمكن أن تلحقه من أضرار بالنسبة إليه، لذلك يعمل
المرخص على تضمين عقوده شرط عدم المنافسة وعدم الانضمام وعدم الاستخدام بالنسبة
للمرخص له سواء أثناء تنفيذ العقد أو بعد نهايته، وهذا ما يجعله أيضا يمنع المرخص
له من التنازل أو التفويت أو تحويل العقد إلى الغير دون الحصول على إذن مسبق.
الفقرة الأولى: شرط عدم المنافسة
توجد كثير من الشروط في
الواقع العملي تهدف إلى منع أحد طرفي العلاقة التعاقدية من ممارسة نشاط معين قابل
لمنافسة الطرف الآخر بطريقة مباشرة أو غير مباشرة و التي نجدها عادة بخصوص في عقد
البيع و عقد الشراء التجاري و أيضا في عقود الترخيص التجاري، و تسمى عادة بشروط
عدم المنافسة التي يقصد بها الاتفاق الذي بمقتضاه يلتزم أحد الأشخاص بألا يؤسس
مشروعا منافسا للمتعاقد الآخر أو يشتغل في مؤسسة منافسة[6]، وينصرف مفهوم شرط عدم
المنافسة في عقود الترخيص التجاري إلى منع المرخص له أثناء سريان العقد أو بعد
فترة محددة من انتهائه من ممارسة نفس النشاط بطريقة مباشرة أو غير مباشرة في نفس
المنطقة الجغرافية أو في منطقة أخرى يمكن أن يشكل فيها منافسة للمرخص نفسه أو
أعضاء الشبكة.
ومرد هذا الشرط يرجع أساسا إلى قيام المرخص بتقديم
المعرفة الفنية و سر الصنعة والكشف عن تقنيات الأسلوب التجاري المتبع سواء من
الناحية التجارية أو الاقتصادية أو الإدارية أو المالية، وهذا ما يجعل المرخص له
يلتزم بعدم القيام بنشاط مشابه أو مماثل أو يبيع أو يقدم خدمات أو ينتج سلعا سواء
بطريقة مباشرة أو غير مباشرة حتى و لو كانت تحمل علامات تجارية مختلفة و ذلك في
نفس المنطقة المحددة في العقد، بل يمنع عليه أيضا أن يشتغل كأجير أو أن يشارك في
مؤسسة منافسة سواء أثناء تنفيذ العقد أو بعد انتهائه.
و شرط عدم المنافسة يجب أن يكون نسبيا من حيث الزمان و
المكان و المشرع المغربي تجاهل التعرض إلى المدى الذي يمكن أن يصل إليه هذا الشرط
من حيث الزمان، و من ثم فالمسألة ترجع إلى اتفاق الطرفين أو إلى السلطة التقديرية
للقاضي انطلاقا من معطيات كل نزاع و هذا
ما يتجلى في عقود الترخيص التجاري بالمغرب، و في هذا الصدد نجد عقد كيتيا Kétéa ينص على مدة 5 سنوات
كشرط لعدم المنافسة[7]، و نرى أن هذه المدة طويلة
ومجحفة في حق المرخص له الذي سيجد نفسه بعد نهاية العقد أمام خيارين إما ممارسة
نفس النشاط التجاري و بالتالي عليه لن يستجيب للالتزام و الانتظار لغاية مرور 5
سنوات، و ما ينتج عن ذلك من أخطار نتيجة توقفه عن ممارسة نشاطه التجاري، و الكل
يعلم مدى أهمية الاستمرارية في الميدان التجاري، فالتوقف يعني فقدان الزبناء، و
بالتالي صعوبة استعادتهم عن طريقة ممارسة عمله، الشيء الذي يؤدي أيضا إلى فقدانه للزبناء و التعرض لمخاطر
انطلاق مشروع تجاري جديد.
وإذا كان تقييد المرخص له بالالتزام بعدم ممارسة نشاط
مشابه أو مماثل لنشاط المرخص، كالقيام ببيع سلع و بضائع مماثلة أو تقديم خدمات
مشابهة سواء داخل محل الترخيص التجاري أو محلات مستقلة شيئا مفهوما وذلك لتجنب
منافسة المرخص له للمرخص، فإن الشيء الذي لا يفهم هو وجود بعض الشروط التي تلزم
المرخص له بالامتناع عن مزاولة أي نشاط تجاري كيفما كان نوعه في نفس المنطقة
الجغرافية لنشاط الترخيص التجاري وتقييده بالحصول على الموافقة المسبقة من طرف المرخص له من القيام بنشاط
تجاري مخالف و هو قادر على القيام بذلك مادام أن العمل الذي يقوم به لا يحمل لا
علامة المرخص ولا شكله؟
إن هذه الشروط تعتبر شروطا غير مشروعة و يجب على المرخص
له أن لا يقبل بها في العقد تحت أي ذريعة كانت، بل حتى بالنسبة لبعض الأنشطة
الثانوية التي يمكن للمرخص له القيام بها بالموازاة مع نشاط الترخيص التجاري، فأظن
أنه ليس هناك أي ضرر يمكن أن يلحق المرخص من جراء ذلك، و هذا ما نجده مثلا في مجال
الفنادق حيث يمكن للمرخص له أن يخصص مكانا بالفندق لبيع و عرض الهدايا و تذكارات،
ما دامت هذه الأنشطة ليست لها أية علاقة بنشاط الترخيص التجاري لكن المؤسف هو
استغلال المرخص لقوته وسيطرته و العمل على فرض مثل هذه الشروط تحت مبررات وهمية
مردها أن ممارسة المرخص له لأنشطة متعددة بجانب نشاط الترخيص التجاري سيؤثر على
مردودية هذا الأخير و بالتالي على الشبكة ككل.
هذا بالنسبة لشرط عدم المنافسة فماذا عن شرط عدم التنازل
أو التحويل أو التفويت لعقد الترخيص التجاري.
الفقرة الثانية: شرط عدم التنازل أو التحويل أو التفويت
لعقد الترخيص التجاري
نظرا لخاصية الاعتبار الشخصي
التي تطبع عقود الترخيص التجاري فإننا نجدها غالبا ما تتضمن شرطا مقيدا يمنع المرخص له من التنازل أو تفويت أو تحويل
أصله التجاري إلى الغير دون موفقة المرخص على ذلك، وإذا كان يمكن فهم هذا الشرط
بالنسبة للتنازل الذي يتم إلى الغير نظرا لتخوف المرخص على مصلحة و شهرة العلامة
من هذا الغير خاصة إذا لم تتوفر فيه الشروط المطلوبة، فإنه ما لا يمكن فهمه هو عدم
موافقة المرخص على تحويل أصله التجاري إلى الورثة فإذا كان هذا الشرط يقي المرخص
من كل المشاكل التي يمكن أن تقع له مع الورثة فإنه يضر بشكل واضح بهؤلاء الورثة
الذين سيحرمون من الاستفادة من مشروع المرخص له بعد وفاته، فكيف يعقل مثلا أن يعمل
مرخص له على استثمار جميع أمواله في مشروع الترخيص التجاري ثم يموت فجأة دون أن
يتفق مع المرخص على شرط التحويل إلى الورثة، فيستغل المرخص هذا الوضع بحيث يمتنع
عن التعامل مع ورثة المرخص له، أليس هذا إجحاف بحق المرخص له خاصة أبناءه الذين
يكون هذا المشروع دخلهم الوحيد؟ فكيف يمكن الاتفاق على مثل هذه الشروط في العقد و
تبريرها على أساس أنها من العقود التي تأخذ بالاعتبار الشخصي خاصة و أن هذه
الخاصية لا ترتبط بالمرخص بل المرخص له فقط، فكيف يمكن حماية الورثة من مثل هذه
التصرفات؟.
في غياب أي ضوابط قانونية يبقى على المرخص له أن يكون
حذرا أثناء المفاوضات قبل إبرام العقد و البحث عن الحلول التي يمكن أن يقع فيها
مستقبلا وبطريقة جد مفاجئة، غير أنه و حتى إذا ما أثيرت هذه الحالة أثناء
المفاوضات فإن المرخص له نظرا لتمرسه في مثل هذه العقود فإنه يعمل على الاحتفاظ
بحق القبول أو الرفض في التعامل مع الورثة إلى حينه.
إذا أمام جل هذه الشروط و بالرغم من اعتبار بعضها من
طبيعة عقد الترخيص التجاري فإن استغلالها التعسفي من طرف المرخص يمكن أن يؤدي إلى
إلحاق أضرار كبيرة بالمرخص له، فهل يمكن الخفيف من حدتها؟ وما هي الوسائل الكفيلة
بتحقيق ذلك؟.
المبحث الثاني :وسائل التخفيف من حدة الشروط المقيدة ودورها
في حماية الطرف الضعيف في
عقد الترخيص التجاري .
كما هو معلوم فالوسائل الحمائية الممنوحة للطرف الضعيف في عقد الترخيص
التجاري،هي إما وسائل قبلية أو وسائل
بعدية وهدا ما سنعمل على دراسته وفق مطلبين على التوالي .
المطلب
الأول:أهمية الوسائل القبلية في إرشاد المتعاقد بخبايا عقد الترخيص التجاري.
تجسيدا لما قيل عن الوقاية و
أفضليتها البارزة عن العلاج ،حق لنا أن نتساءل عن الأساليب الوقائية
المقررة للطرف الضعيف .
من أجل
تحقيق هذه الغاية تم ابتداع آليتين تتمثل
الأولى في الالتزام بالإعلام من طرف المرخص،بحيث
يلعب هذا الالتزام دورا مهما في تنوير المرخص له المرشح ،ونفس التوجه ذهبت
عليه اغلب التشريعات المقارنة ،أما الآلية الثانية فتتمثل في دراسة السوق المزعم
الانتشار فيه وكل ذلك بمساعدة المرخص وذلك
كله بغاية إبرام العقد بشكل واضح و شفاف[8] .
لهذا
سنعمل على إيضاح المقصود بالالتزام بالإعلام الفقرة الاولى، بالإضافة
لدراسة السوق لفقرة الثانية.
الفقرة
الأولى : الالتزام بالإعلام
الالتزام بالإعلام هو ذلك
الالتزام الذي بموجبه يتقدم المتعاقد للمتعاقد الاخر معلومات ضرورية حول محل
الالتزام و عن العملية التعاقدية من أجل
اتخاذ القرار .
ويقع عبئ الالتزام بالإعلام على عاتق المهني ، ونحن هنا
في عقد الترخيص التجاري نتحدث عن المرخص،ودوره في نقل المعلومة و التجربة للمرخص
له المرشح ،وهذا ما جعل بعض التشريعات الأجنبية[9] تتدخل لفرض هذا الالتزام .
و أمام
قصور التشريع المغربي فيما يتعلق بهذه النقطة فإننا سنعالج الالتزام بالإعلام على
ضوء التشريع المقارن والقانون النموذجي
للمعهد الدولي لتوحيد القانون الخاص unitdroit .
وتكمن
أهمية الالتزام بالإعلام في عقد الترخيص التجاري في تمكين المرخص له من الحصول على
المعلومة التي تحول دون إمكانية وقوعه في بعض من عيوب الرضى كالغلط [10].
اذا فما مضمون الالتزام بالإعلام ؟ وماذا عن الحماية التي جاء بها ؟
أولا :
مضمون الالتزام بالإعلام و استثناءاته
يختلف مضمون الالتزام بالإعلام باختلاف محل
الالتزام و بتعدد مجالاته ، وهدا ما يجعل صعوبة تحديد المعلومات التي تشكل محل
الالتزام بالإعلام ، لكن على العموم يجب ان يقدم بيانات حقيقية وكاملة عن محل
العقد(1) ،
وكذا منحه للمرخص له مهلة التفكير (2).
1- نوعية المعلومات المقدمة .
يمكن تقسيم المعلومات التي عليها الالتزام بالإعلام الى
مجموعتين: الأولى
تتعلق بالمرخص و شبكته ،و مجموعة ثانية تتعلق بالترخيص التجاري ، هدا لا يعني ان المعلومات هي حصرية إنما يجوز للمرخص له
البحت عن معلومات اخري ، و ما هذه المعلومات إلى التي تم الاتفاق عليها من طرف
معظم التشريعات.
1- معلومات خاصة بالمرخص و
شبكته.
وهي معلومات تتعلق بالأساس ب:
-الشكل القانوني للمؤسسة أو
المقاولة ،المقر الاجتماعي ، العنوان ، رقم التسجيل في السجل التجاري ،رقم التسجيل
في جدول المهنة ، تاريخ تسجيل العلامة ، رقم القيد في السجل الوطني
للعلامات،رأسمال المؤسسة ،حالة الترخيص ومدته إذا تعلق الأمر بالترخيص
التجاري .
-هوية رئيس المقاولة ، هوية
المسيرين ، وظائفهم و تجارتهم المهنية .
-مختلف الأنشطة التي يقوم بها
التي يقوم بها المرخص و التي لها علاقة بالترخيص التجاري .
-معلومات خاصة بالمرخص لهم
،عددهم و أسماؤهم و كذا عناوينهم ، أرقام هواتفهم ، العدد الإجمالي لمختلف الفروع
و الوحدات التابعة لشبكة .
-معلومات حول مختلف الأحكام
الجنائية أو المدنية و قرارات التحكيم المتعلقة بالترخيص ، و مختلق القضايا
المعروضة على المحاكم و التي يعد المرخص طرفا فيها .
عموما
تبقى هذه البيانات التي تمكن المرخص له من التعرف على الوضعية العامة لشبكة ،
بالإضافة إلي هذا هناك أيضا بيانات تتعلق بعقد الترخيص .
ب-معلومات خاصة بعقد الترخيص التجاري .
وتتعلق أساسا ب :
-نوعية و مجال عقد الترخيص ،و ما يتطلبه من تحديد
السلع و البضائع ، ونوعية الخدمات محل
العقد .
-شروط التموين و المخزون .
-كيفية تحديد أسعار إعادة
البيع .
-الشروط المتعلقة بتحديد
المجال الجغرافي .
-الشروط المتعلقة بنقل
المعرفة الفنية و العلامة الفارقة.
-معلومات حول طبيعة المساعدات
التقنية و الفنية و دورات التكوين و التدريب .
-معلومات متعلقة بحجم
الاستثمار و مبلغه الإجمالي .
-طرق أداء الإتاوات و أنواعها
.
-المعلومات الخاصة بتطبيق
سياسة الإشهار .
-الشروط المتعلقة بعدم
المنافسة و المحافظة على سرية المعرفة الفنية .
-حالات انتهاء العقد و حالات
فسخه.
-حالات التعويض .
-شروط التنازل او تحويل العقد.
-المعلومات المتعلقة بالقانون
الواجب التطبيق و طرق حل النزاعات .
عموما
يجب على المرخص تقديم هذه المعلومات
بطريقة كتابية تجنبا لتظليل و الخداع نتيجة تقصير في الشرح عند تقديمها
بالطريقة الشفوية .[13]
2- مهلة التفكيـــــــــر
لمهلة التفكير فوائد عديدة
،تتجلى أبززها في تمكين المرخص له المرشح
من التدقيق في بنود العقد و مقارنتها مع باقي بنود العقود الأخري، وكذا مراجعة
الشروط للحيلولة دون تضمين العقد شروط
مجحفة في في حق المرخص له المرشح، هذا بالإضافة إلي أخذ الاستشارة القانونية وكذا المحاسباتية لاتخاذ القرار المناسب .
أما
بالنسبة لمدة مهلة التفكير فتختلف من تشريع لآخر
،حيت نجد القانون الأمريكي حدد المدة في 5 أيام قبل إبرام العقد ، غير أن قانون دوبان الفرنسي
حددها في 20 يوم
على الأقل قبل التوقيع على العقد ،او قبل أداء الإتاوات ، و كذا في القانون
النموذجي unidroit حددت في 14 يوما [14].
الواضح
من تصفح جل هذه القوانين ،وجدنا أنها فرضت الالتزام بالإعلام وشددت على ضرورة
التزام المرخص به غير ان القانون النموذجي و ضع استثناءات مهمة تسعف المرخص في
الاستغناء عن هذا الالتزام .
3- حالات الإعفاء من واجب الالتزام بالإعلام .
إن غاية المرخص له تكون دائما الربح السريع و بذلك
يتجه إلى إبرام هذا النوع من العقود ، وسعيا لحمايته و كذا النسيج الاقتصادي مكن
من اليه الإعلام ،غير انه في حالات
معينة تفرد بتحديدها القانون النمودجي unidrroit حول الإعلام [15]، تعطي المكنة للمرخص للتحلل من هذا الالتزام
و الامر هنا يتعلق بكفاءة المرخص له
و قدرته على معرفة هذه المعلومات :
-المرخص له الذي زاول أعمال الإدارة
او التسيير محل ترخيص تجاري .
-إذا حول المرخص له حقوق و التزامات إلى ملتزم أخر يرتبط بنفس شروط
العقد السابق فتتحول جميع المعلومات إليه بطريقة تلقائية ، غير انه يحق لنا أن
نتساءل عن الحالة التي يحول فيها المرخص العقد ، لم يتعرض المشرع لهذه الحالة و
نرى انه يجب أن يعامل المرخص له معاملة مرخص له جديد.
-حالة المرخص له الذي استعمل
لمدة سنتين على الأقل مشروع مماثل .
-حالة التجديد أو التمديد.
-حالة المستثمر الثري .
وفي الأخير
ليس من الضروري أن يكتفي المرخص له المرشح بالمعلومات المقدمة له من طرف المرخص
فقط و إنما يمكنه البحث بنفسه في مصادر أخرى ، وهذا ما يسمى بالاستعلام[16] .
ثانيا : دور المرخص له و مسؤولياته عند أخد
المبادرة بالاستعلام
إن المرخص عندما يعمل على الاستثمار من خلال الترخيص
التجاري عليه أخد كل الاحتياطات اللازمة
خاصة إذا جوبه بسوء نية من المرخص و أمام صعوبة إثباته ، حيث يقع عبئ الإثبات على
المرخص له ، و نفس التوجه ذهب عليه القضاء حيت اعتبر(عدم احترام شرط الالتزام
بتقديم المعلومات في المرحلة ما قبل التعاقد يعتبر سوء نية ، و إثباتها يقع على
عاتق المرخص له ).
ولتجنب
كل هذا يجب على المرخص له التقصي عن صحة المعلومات من خلال الاستشارات القانونية ،
زيارة المعاهد و كذا حضور الندوات التي تتمحور حول الترخيص التجاري ، و القيام
بزيارات لبعض المحلات المرخص لها و غير ذلك ....
بالإضافة
الى الالتزام بالإعلام هناك وسيلة ثانية تتمثل في القيام بدراسة السوق .
الفقرة
الثانية : دراسة السوق
يتطلب هذا النوع من الاستثمار تجربة مهمة من اجل
المساعدة ي تنمية الشبكة التجارية ،وكذا القيام بدراسة مفصلة لسوق المزعم الانتشار
بداخله ، و لكون المرخص صاحب الخبرة فانه الشخص المؤهل للقيام بالدراسة السوق، لكن
هذا لا يمنع المرخص له المرشح من القيام بهذه المهمة .
و لأجل
أن نحلل هذه الفكرة حري بنا تشطيرها إلى
الشروط العامة المتطلبة في دراسة السوق أولا وكذا مسؤولية المرخص عن الحقائق المضمنة في دراسة السوق ثانيا.
أولا
:الشروط العامة المتطلبة في دراسة السوق
إن الدراسة التي يتم القيام
بها و المتعلقة بالسوق لا يجب ان تشمل معلومات فضفاضة وواسعة ، وإنما يتم الاكتفاء
بالمعلومات المتعلقة بمحل العقد ، لكنها يجب ان تتسم بالدقة ، و تتعلق أساسا
النطاق الجغرافي المزعم فتح المقاولة فيه ، المنافسة و قوة العرض والطلب ، مدى وجود حظوظ للمرخص له المرشح بداخل السوق ، وكذا جميع المعلومات التي من
شانها إعطاء فكرة واضحة عن السوق حيث جاء في قرار لمحكمة
الاستئناف الفرنسية Colmar "إن المرخص له المرخص المرشح
يجب أن يكون على علم مسبق بوضعية السوق و حقيقة النمو الديموغرافي خاصة خاصة عدم
التساوي و التوازن بين الجنسين من حيت العدد النساء و الرجال ، و التي تعتبر موجها
لصعوبات التي ستواجه نشاط وكالة الزواج "[17] .
بالإضافة
إلي كل هذا يجب دراسة تأثير تطور السوق في المستقبل على رفع رقم الأعمال ،وذلك
بالاعتماد على التطلعات الاقتصادية و تغيراتها في كل دولة إلي أخرى، أو مدينة أو حي أو شارع و
كذا المناطق لان الأمر يختلف من الشمال إلى الجنوب [18].......
ثانيا
:مسؤولية المرخص على الحقائق المضمنة في دراسة السوق
بالرجوع للفقرة الرابعة من
الفصل الأول من قانون دوبان نجد أنه نص على : « أن وثيقة المعلومات يجب
تكمل بدراسة تفصيلية لحالة السوق المحلي للسلع و الخدمات التي تشكل موضوع العقد و
أفاق التطور بهذا السوق ».
و منه
فالمرخص ملزم بالقيام بدراسة دقيقة لسوق تحت مسؤولية في مواجهة المرخص له و الغير
و هذا ما جاء في قرارات عديدة لمحكمة النقض الفرنسية التي قضت "بمسؤولية
المرخص الذي الذي أعطي للمرخص له دراسة سوق رديئة لم تتحقق معها التوقعات .
و كذا
القرار الصادر بتاريخ 21 ماي 1997 عن
نفس عن نفس المحكمة “و التي أقرت الحكم القاضي بمسؤولية المرخص صاحب شركة تنظيف السيارات ، لان
المحطة التي سيستغلها المرخص له تزعج الجيران و ذلك لتواجدهما في مكان ص غير صالح
لمثل هذا النوع من الأعمال، و هو ما أكده الخبراء المعتمدين من المحكمة التي أصدرت
حكما يفيد تضامن المرخص و المرخص له في المسؤولية تجاه المتضررين من الجيران بحيث ألزمت
المرخص بأداء 2/3 الضرر
و المرخص له بأداء نسبة 1/3 منه ، وذلك راجع إلى عدم اختيار المرخص للمكان
مناسب للمحطة ، و هذا يعني انه لم يقم بدراسة جدية و جيدة للمكان الذي انطلق به
المشروع".
لكن
التزام المرخص ما هو إلي التزام ببدل عناية ، و بالتالي فقيام المرخص بمهمته
بنزاهة تحول دون قيام مسؤوليته .
ما
قلناه أعلاه هو مبد عام أيرد عليه استثناء
في حالة إذا كان تصدير الترخيص التجاري إلى بلد أجنبي و ما
يتجلى من صعوبة في ذلك بالنسبة للمرخص و هنا يحل من وجهة نظرنا المرخص له للقيام
بالدراسات إذا تعلق الأمر بترخيص ثانوي [19].
هذا
فيما يتعلق بالوسائل الحماية السابقة للعملية التعاقدية، فهل وضعت التشريعات
المقارنة وسائل أخرى هادفة لحماية المرخص له بعد إبرامه لعقد الترخيص التجاري .
المطلب الثاني : الوسائل البعدية وأهميتها في
مراقبة المرخص وتعديل الشروط المجحفة في عقد الترخيص التجاري.
يقول الفقيه Pothier " إن العدالة في المجال التجاري تتمثل
في المساواة ،وأن هذه المساواة تتأثر
بمجرد ما يأخذ احد [1]ـ حنان البكوري مرجع سابق ص المتعاقدين أكتر مما يعطي،والعقد يكون
معيبا لأنه قام على غير العدل الذي يجب أن يسود"[20] إلا أن فلسفة القاعدة القانونية تقوم
دائما على اعتبار فكرة أن الناس أحرار ومتساويين ، وبالتالي لهم أن يبرموا ما
شاءوا من العقود ، وهذه الحرية تفرض على
الأشخاص تنفيذ الالتزامات الملقاة على
عاتقهم بموجب بنود العقد تطبيقا لمبدأ العقد شريعة المتعاقدين، وبالتالي لا يجوز
التدخل في العلاقة التعاقدية ما دامت أنها تمت عن طواعية و اختيار وجاءت غير
مخالفة للقانون أو النظام العام .
بالتالي
هل يجوز التدخل في العلاقة التعاقدية بين المرخص و المرخص له بداعي تحقيق العدالة
و إعادة التوازن العقدي؟ وإلى أي حد يمكن للقاضي اختراق مبدأ القوة الملزمة للعقد
من أجل مصلحة الطرف الضعيف في العقد و بالتالي تعديل شروطه ؟
الفقرة الأولى:
أساس تدخل القضاء لإعادة التوازن للعقد
إن العقد الذي يقوم صحيحا ومستوفيا لشروطه
وأركانه يرقى لمرتبة القانون من ناحية إلزام الأطراف بتنفيذ بنوده في إطار مبدأ
سلطان الإرادة الذي تأخذ به جل التشريعات الوطنية للدول، والمشرع المغربي بدوره
كرس هذا المبدأ بموجب الفصل 230 من قانون
الالتزامات والعقود ، هذا الفصل يمنع التدخل في العلاقة التعاقدية بدعوى حماية
الطرف الضعيف فيها
أولا : اعتبار عقد الترخيص التجاري عقد
إذعان
بالرجوع إلى المادة149 من القانون
المدني المصري نجده يتيح للقاضي إمكانية التدخل وتعديل شروط العقد متى تبين له
أنها تتم بطريقة الإذعان، كما أنه أعتبر كل اتفاق مخالف لذالك باطلا اتجاه
الأطراف، وهو نفس النهج الذي تبناه التشريع الفرنسي بموجب القانون الخاص بحماية
المستهلك ضد الشروط التعسفية الصادر في 10 يناير 1978 والذي خول
بموجبه للقاضي إنهاء هذه الشروط في عقود الاستهلاك أما بالنسبة للمشرع
المغربي فقد نص في الفصل 19 من القانون 31.08 على أنه يعد
باطلا ولاغيا الشرط التعسفي الوارد في العقد المبرم بين الورد المستهلك وتطبق باقي
مقتضيات العقد الأخرى إدا أمكن أن يبقى العقد قائما بدون الشرط التعسفي المذكور.
فمن خلال هذا النص وتماشيا مع فلسفة المشرع في حماية الطرف الضعيف في العلاقة
التعاقدية وهو المستهلك فإنه في حالة وجود شرط تعسفي اقر المشرع جزاء البطلان الذي
يقتصر عليه دون غيره من بقية الشروط الأخرى في العقد في حالة إمكانية متابعة العقد
رغم بطلان احد شروطه وذالك تطبيق لنظرية انتقاص العقد .
فعقود
الإذعان تحمل في طياتها مجموعة من الشروط التي تؤثر على التوازن العقدي ، كما أنها
أصبحت منتشرة في الآونة الأخيرة بشكل كبير خاصة مع تطور وسائل الإنتاج وتوزيع
المنتجات فأصبح أصحاب المراكز الاقتصادية الكبرى عادة ما يلجؤن لمثل هذه الشروط
بحكم درايتهم القانونية والفنية في هدا المجال خدمة لمصالحهم على وتقوية مراكزهم
على حساب الطرف الضعيف في العقد أو المستهلك .
حيت انه بإعطاء القاضي سلطة التدخل وإعادة التوازن لمثل هذه العقود
ستجعل أصحاب المراكز الاقتصادية القوية يراجعون أنفسهم قبل وضع مثل هذه الشروط ،
والعمل على ضمان نوع من التوازن بين مصلحة الطرفين ما دامت هذه الشروط تخضع لرقابة
قضائية ، وبالتاي فإن التساؤل المطروح هو مدى خضوع عقد الترخيص التجاري لهذه
المقتضيات خاصة وأن المرخص له في عقد الترخيص التجاري يوجد في مركز قانوني شبيه
إلى حد بعيد بالمستهلك وبالتالي توفير الحماية له ؟
تبعا لذالك يرى جانب الفقه
أن عقد الترخيص التجاري تطبق عليه خاصية الإذعان وبالتالي يمكن للقاضي العمل على
إعادة التوازن العقدي لمثل هده العقود متى رأى هذه الشروط مجحفة وغير عادلة[21].
ثانيا : اعتبار المرخص له مستهلكا
يعتبر المستهلك من
المفاهيم التي أثارت العديد من المشاكل في تحديد تعريف دقيق له فيرى بعض الفقه[22] أنه "كل شخص يقني أو يستعل سلعة
أو خدمة لغرض غير مهني ، غير أن المشرع المغربي خرج عن المألوف وقام بتعريف
المستهلك في المادة 2 من القانون 31.08[23] يقصد بالمستهلك كل شخص طبيعي أو معنوي
يقتني أو يستعمل لتلبية حاجياته غير المهنية منتوجات أو سلع أو خدمات معدة لاستعماله
الشخصي أو العائلي. انطلاقا من هذا التعريف هل يعد المرخص له فعلا مستهلكا ؟
بالتالي يستفيد من الحماية القانونية
المقررة لهذا الأخير يرى بعض الفقه ان
عقد الترخيص يجمع بين طرفين محترفين بمقدور هما التفاوض بكل حرية وبالتالي يكون من
الصعب مساواة المرخص له بالمستهلك مما يستبعد التزام المرخص بإعلامه طبقا لقوانين المستهلك ومن تم البحت عن
حمايته عن طريق تعديل شروط العقد من طرف
القضاء فالمرخص له يعتبر مستقلا في ممارسة نشاطه التجاري وبإمكانه البحت عن مشاريع
أخرى تلاءم وضعيته.
إلا
أن ما ينبغي الإشارة إليه فإن المرخص له قد لا يكون دائما شخصا محترفا أو مهنيا
فقد يكون مبتدئ ليست له أية خبرة أو تجربة مهنية سابقة سواء تعلق الأمر بأسلوب
الترخيص التجاري أو النشاط التجاري عامة ، هذا من جهة ومن جهة أخرى نجد المرخص
يعمل على فرض عقود نموذجية في الغالب معدة مسبقا لا تقبل أي تعديل -كما قلنا سابقا
عن اعتبار عقد الترخيص التجاري عقد إذعان -فيبادر إلي تضمين العقد شروطا تخدم
مصلحته على حساب المرخص له الطرف الضعيف في العلاقة التعاقدية ، وبالتالي فإن
التدخل التشريعي الصريح يبقي مطلوبا في هذه الحالات وغيرها حماية للمرخص له الذي يمكن
أن يبقى له دور في المساهمة في الرفع من الاقتصاد الوطني خاصة إن وفرت له حماية
تشريعية، شجعت العديد من الأشخاص على استثمار مدخراته وبالتالي إتاحة فرص للشغل
خاصة إن أبانت هذه العقود عن انتشار واسع بفضل الحماية التشريعية ، ولعل هذا الأمر
جعل المشرع الألماني رغبة منه في إعطاء المرخص له مركزا قانونيا وبالتالي إيجاد
وسيلة لتوفير حماية له اعتبره بمثابة
مستهلك إلى غاية إبرام العقد النهائي ، وبالتالي يحق للقاضي التدخل وتعديل شروط
العقد كلما تبين له أنها تعسفية باعتباره في حكم المستهلك فما هو الحال بالنسبة
للقضاء المغربي ؟ هل يمكن تخويله هذه الإمكانية في ظل القانون المغربي أم أنه مقيد في ظل هذا الأخير .
الفقرة الثانية: حرية القاضي مقيدة في التدخل لتعديل شروط عقد الترخيص التجاري في
ظل القانون المغربي
في المغرب فإنه ما
يلاحظ بالنسبة للتشريع والقضاء هو العجز عن التدخل في العقد بصفة عامة واستبعاد
الشروط المجحفة والغير عادلة فيه ولعل مرد ذالك اعتماد الاقتصاد الوطني على
المبادرة الحرة والمنافسة ، وهذا ما جعل المشرع المغربي غير متحمس لإعطاء القضاء
سلطة واسعة للتدخل وإعادة التوازن إلى العقد وإنما اكتفى بإعطائه إمكانية التأويل
عند غموض العقد أو تناقض شروطه وهذا ما لا يمكن أن يحدث في عقد الترخيص التجاري
خاصة أمام التجربة المهنية والقانونية لمحرري مثل هذه العقود الذي لن يكون بالسهل
أن يقعوا في مثل هذه الأخطاء والثغرات فاتحين المجال أمام القضاء للتدخل وتعديل
شروط العقد فبالرغم من المبادر التي اتخذها
المشرع وتعديل الفصل 264 من قانون الالتزامات والعقود أصبح يخول للقاضي إمكانية التدخل
ومراجعة الشرط الجزائي متى كان مبالغا فيه من قبل أحد المتعاقدين بموجب الفقرة الثانية
منه ، فإن هذه المبادرة تظل غير كافية أمام مبدأ القوة الملزمة للعقد المكرس بموجب
الفصل 230 من نفس القانون والتي جعلت من العقد المبرم بكيفية صحيحة بمثابة
القانون من ناحية القوة الملزمة، الذي يمنع القاضي من التدخل في شروط العقد كيف ما
كانت طبيعتها وأثارها بالنسبة للطرف الضعيف في العقد ، الذي لا يبقى له سوى
الاستنجاد بالمقتضيات المقررة للبطلان والإبطال والفسخ، وهذه الأخيرة غالبا ما لا
تخدم مصلحته، حيت أن ما يخدمها فعلا هو إلغاء الشرط المجحف ومتابعة تنفيذ العقد،
وبالتالي فإن قانون الالتزامات والعقود وأمام التطورات الاقتصادية التي أصبح غير
قادر على مواكبتها واستيعاب التحولات التي عرفها الاقتصاد الحر والمنافسة القوية
بين الشركات، وبالتالي العجز عن إغاثة الطرف الضعيف نتيجة لعدم وجود أداة قانونية
فعالة تحقق ذلك[24].
وبالتالي يبقى أمام المرخص
لهم في عقد الترخيص التجاري إمكانية التكتل في جمعيات تهدف للدفاع عن مصالحهم
والعمل على التفاوض مع المرخصين فيما يخص الشروط العامة في هده لعقود كما أن أهم
خطوة في هذا المجال يبقي التدخل التشريعي للحد من هده الاختلالات خطوة لابد منها،
خاصة أن عقد الترخيص التجاري لم ينظم بموجب نصوص قانونية في التشريع المغربي ، حيت
بإمكان هدا الأخير الاستفادة من التجارب
العملية والمشاكل التي تواجه المتعاملين بمثل هذه العقود والعمل على إيجاد حلول
لها تضمن نوع من الحماية لكلا الطرفين ولا يتأتى دالك إلا عن طريق وضع تنظيم
قانوني لها يضمن نوع من التوازن في العقد ،
وبالتالي التشجيع على الدخول مثل هذه التجارب والتي من شانها تقوية عجلة الاقتصاد الوطني بصفة عامة.
خاتمة:
خلاصة الحديث يمكن القول أنه على الرغم من الامتيازات و
الضمانات التي يمكن أن يقدمها أسلوب الترخيص التجاري للمشاريع الجديدة فلا يمكن أن
يؤخذ على أن الترخيص التجاري عالم بدون عقبات و صعوبات فالمرخص له لا يمكن له
الدخول في هذا المجال مغمض العينين أملا أن يتكفل المرخص بتوفير كل شيء و بالتالي
تحقيق النجاح لمشروعه، بل النجاح يتطلب كفاءة معينة و مالية و قدرة و عزيمة، أي أن
يتصرف المرخص له كأي تاجر أو مقاول داخل مقاولته، أحدا بعين الاعتبار جميع المسائل
التي يمكن أن تعيق التحقيق أي عمل تجاري في بدايته، نعم أن أسلوب الترخيص التجاري
يخفف بشكل كبير من هذه المشاكل، إلا أنه ما يجب أن يؤخذ بعين الاعتبار هو أن نجاح
أسلوب الترخيص التجاري في مجال معين أو منطقة معينة ليس دليلا على نجاحه الحتمي في
مجال آخر.
وعليه فلنجاح أسلوب الترخيص التجاري واعتباره أداة فعالة
للاستثمار و تنمية المقاولة الوطنية يجب تضافر مجموعة من العوامل سواء على المستوى
الاقتصادي أو القانوني.
فعلى المستوى الاقتصادي يجب اتخاذ مجموعة من الاقتراحات
و الإجراءات منها:
ـ
تشجيع الاستثمار سواء الداخلي أو الأجنبي و تدليل الصعوبات الإدارية أمام
المستثمرين الذين يعتمدون أسلوب الترخيص التجاري و التشجيع على خلق وحدات صناعية
تستغل هذا الأسلوب داخل مجموع التراب الوطني.
ـ مساعدة المقاولات الصغيرة و المتوسطة على
نهج هذا الأسلوب عن طريق إيجاد سياسة مالية لتمويل مثل هذه المشاريع وفق تدابير
خاصة.
ـ خلق مجالات جديدة و متنوعة تعتمد أسلوب
الترخيص و جعله أداة مهمة لتصدير المنتوج المغربي إلى الخارج.
أما على مستوى القانون و مع بداية النهضة
التشريعية في السنوات الأخيرة في جميع أنحاء العالم فإنه لم يبق الحال على ما هو
عليه الشيء الذي يتطلب ضرورة التدخل التشريعي والعمل على تنظيم هذا العقد لضمان
الاستغلال الجيد لهذا الأسلوب و تسهيله و عدم الاكتفاء بعوامل المنافسة بين
الأفراد و المشروعات، خاصة و أن هذا الأسلوب يتضمن عناصر متعددة للملكية الصناعية
ما يجب عدم ترك المجال مفتوحا على مصراعيه للحرية التعاقدية التي يمكن أن تؤثر
سلبا عليه.
و بالإضافة إلى العوامل السابقة الذكر و
لنجاح هذا الأسلوب يتطلب أيضا تضافر جميع الجهود سواء من المرخص أو المرخص له أو
الفيدرالية المغربية للترخيص و جميع المهتمين.
كما يتطلب الأمر القيام بالعديد من التظاهرات
و الندوات واللقاءات و العمل على إصدار مجلات متخصصة تواظب جميع مستجدات هذا
الأسلوب ببلادنا كل هذه العوامل و أخرى ستساعد على بعث الثقة في نفس المستثمرين و
المقاول و جعله يقبل على أسلوب الترخيص التجاري لممارسة نشاطه و هو يتمتع بكل
الضمانات التي تجعله عامل اقتصادي إيجابي يساهم في تطور و نمو الاقتصاد الوطني و
بالتالي الدولي.
وما يترتب عنها ن مشاكل متعددة، فعقود الترخيص التجاري
تضمن للمرخص تنمية وتطوير علامته التجارية و تقوية عنصر الزبناء في مناطق جغرافية
متعددة، دون تحمل أي عناء.
كما تمتد أهمية عقود الترخيص التجاري لتشمل أيضا تطوير و
بناء الاقتصاد الوطني و ذلك عن طريق خلق فرص الشغل بفعل توسع الأنشطة التجارية
التي ترتبط بالترخيص التجاري.
لكن على الرغم من أهمية هذا الأسلوب لا ينبغي التغاضي عن
السلبيات التي تطبعه خصوصا و إن اعتبرناه عقد إذعان يجتمع فيه طرف قوي ذو مكانة
اقتصادية و آخر مبتدئ و ضعيف الشيء الذي يضعنا أمام اختلال العلاقة التعاقدية بين
أطراف العقد لذى و من أجل الغوص و البحث في هذا الموضوع وجدنا أنه يعالج إشكاليات عدة لا يمكن حصرها، ونظرا لطبيعة
العرض الذي لا يتطلب العدد الكبير من الصفحات، حاولنا أن نقف على إشكالية رئيسية و
مهمة تطرحها طبيعة هذا العقد ألا وهي إشكالية اختلال العلاقة بين طرفي العقد إذن
فما مظاهر اختلال العلاقة التعاقدية بين طرفي عقد الترخيص التجاري؟
إن البحث في هذه الإشكالية تطلب منا تقسيم الموضوع إلى
مبحثين الأول سنخصصه للحديث عن خصوصيات عقد الترخيص التجاري لنرى مدى الاختلال
العقدي خصائصه وتكوينه و آثاره، أما البحث المبحث الثاني فسنعتمد فيه إشكالية
إخلال التوازن العقدي بين أطراف الترخيص التجاري.
[2]- حسام الدين عبد الغني الصغير "الترخيص باستعمال العلامة
التجارية، دار الكتب القومية، القاهرة، 1993، ص 149
[9]ـالقانون الفرنسي la loi
doubin
و المرسوم التطبيقي 91-337
الصادر 4 أبريل
1991
القانون الامريكي fill disolosurs loi
القانون الامريكي fill disolosurs loi
المرسوم الملكي الاسباني
الصادر 31 نونبر 1998
القانون الكندي ل 1 نونبر 1998franchise albela act
[11]ـ لا تشمل هذه المعلومات
جميع حالات التوقف .بل يمكن حصرها في مدة
زمنية محددة ،مثلا في القانون النمودجي unidroit
تم حصرها في 3
سنوات الاخيرة .
[12]ـ بالنسبة لهذه فهي تتعلق ب 7 سنوات
الاخيرة فقط ،في القانون الامريكي اما
فيما يخص القانون النمودجي فالمدة هي 5
سنوات .
[16] جاء في قرار صادر عن محكمة النقض الفرنسية بتاريخ 19
اكتوبر 1994 [يجب
على من اراد اخد المعلومات ان يستعلم ].
[17]ـ C A COLMAR 9 MARS
1990 .d 1990 .16 . P. 232 .(NOTE J.J BURST )
[20]- Pothier. traité
sure différentes matières des droit
civile aqqliqué àl'usage du barreau de la jus prudence français:2em éd
.TP cass Marchal paris 1981.p18.
[22]- J:colais aulay .droit de la
consommation .Dalloz ,Sirey 3em éd 1992,
p 4 .
[23]- القانون 08:31 القاضي بتحديد
تدابير لحماية المستهلك الصادر بتفنيده الظهير الشريف 1.11.03 سنة 2011
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق